ازدواجية بنكيران... حين تصبح وزارة الأوقاف خصمًا وحليفًا في آنٍ واحد

 ازدواجية بنكيران
آخر ساعة
الأثنين 4 أغسطس 2025 - 18:03

في مشهد سياسي لا يخلو من التناقض، عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ليمارس هوايته القديمة: قول الشيء ونقيضه، دون أن يرف له جفن أو يشعر بحاجة لتبرير التبدل المفاجئ في خطابه، وذلك حسبما يقتضيه الموقف والمصلحة.

ففي الوقت الذي هاجم فيه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بشكل غير مباشر، من خلال التلميح إلى تصريحات وزيرها أحمد التوفيق بشأن "علمانية الدولة المغربية"، عاد بنكيران نفسه ليصطفّ، وبحماسة هذه المرة، إلى جانب الوزارة نفسها في وجه انتقادات الدكتور أحمد الريسوني، إثر إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي بفجيج.

في الحالة الأولى، كان بنكيران مدافعًا شرسًا عن "هوية الدولة الإسلامية"، موجّهًا رسائل مشفرة إلى الوزير التوفيق مفادها أن المغرب ليس دولة علمانية، وأن من يروّج لذلك "سيذهب"، بينما ستبقى المدارس العتيقة، و"أمير المؤمنين"، و"الإسلام المتجذر في وجدان الأمة".

لكن بنكيران عاد بسرعة إلى "جادة الصواب" حين ألجمه التوفيق برسالة جعلته يتراجع عما قاله وينسبه إلى "المستغلين سيئي النوايا الذين يتربصون بالبلد وبمرجعيته وثوابته الدوائر".

لكن المفاجأة جاءت لاحقًا، حين نشر بنكيران تدوينة يعاتب فيها الدكتور أحمد الريسوني، معتبرًا أن اتهام الوزارة بـ"تشويه الإسلام" "قول غير لائق ولا عادل".

الحقيقة أن هذه الازدواجية ليست جديدة في قاموس بنكيران. فهو يميل إلى قراءة المواقف بناءً على من يقف خلفها، لا بناءً على مضمونها.

ما تفضحه هذه المواقف المتضاربة هو أن بنكيران لا يدافع عن المبدأ، بل عن الموقع، أو عن المصلحة ربما.

فهو، كما عوّدنا، لا ينطلق من قراءة فكرية مستقرة، بل من حسابات سياسية آنية، تجعل من "المؤسسة" خصمًا حينًا، وحليفًا حينًا آخر، حسب تموضعه اللحظي في معادلة السلطة.

في النهاية، يبدو أن بنكيران لا يهاجم "العلمانية" حين يقولها التوفيق فقط، ولا يدافع عن "هيبة الوزارة" حين ينتقدها الريسوني فقط... بل يتحدث بما يخدم تكتيكه السياسي الخاص، حتى ولو أدى ذلك إلى ضرب خطابه بذاته.